الحب العالق في الكتب.

لم أعد أقرؤك كم يجب، وما عدتَ بالعذوبة إياها التي كانت تقدمك لي كأس لغة عذب ، الأمر مثقل بشهقات عدّة، بمواقف مرتهنة بالتعددية، وقلب عن الهوى هوى، وحسٌ احتج التبدل، ناضل عن وطن القصيد بابن للقصيد.

أصبح من الصعوبة أن تلين في جملة الآن، أن تنثني في وزن، أو حتى ضمن مفارقة بسيطة تحكيها قصة قصيرة، وفي آخر الأمر يشتد بك نصًا ميتًا، جوارحًا محلقة، وعقدة تتسرب من بين اشتدادها بعقةً مالحة، بعبارة أوجع .. تعاود الانسكاب مادة جارحة في نسيج ذاكرة خشن، متحررًا في مقاصد حادةٍ تكتبها، تتشكلها، وبالاستئناف الأشد وعورة بتّ كالرائحة، ترش اللغة نجماتك بلا عبير يأخذ بالعاطفة، أو حتى بيد الذكرى التائهة في عطر، فقط ببريق عين في ارتعاشة فقد .

لم أعد أقرؤك كما يجب، فالامتلأ أكثرانفعالًا، والتمرد أكثر انهزامية ، ولَم يُعد الاحتراز أكثر جوانب الإحاطة ، فبت لا أغار، لا أُحِب ، لا أشتاق ، وبوضوح تتوه في معالمي تقديرات التخلق جميعها، الكينونة، الجدوى، والتجربة التي أعلم أنها أكثر ما يؤلمك في ذلك الموضع المكتوب الذي يُزهق في الورقة صدر بياضها، حين الوقف وشدة التبيان والتعري الأدق في تفاصيل اللاحب.

لم أعد أقرؤك كم يجب ، كما أنت واضح دائمًا ، ومجاز في أحيان أكثر، أنت منذ فجوة التقلص وأنا أمام قضية للإذابة وكلانا مأهول بالنظر إلى ما هو بعيد وحافل بالعمق والتصوف .

لم أعد أقرؤك كما كنت تأتي ودفتا أذرعٍ مشرعة، أو كما لو كان فاصل المتابعة المزهو بالألوان والورود ذو جاذبية تدعو للابتهاج والعودة ، توقف الأمر وصنع منك في حديقته كتاب الصفحة الواحدة، والمتعة المبتورة، ما عادت القراءة تنصفك، وما عاد رصد الشواهد ينقذ في الغناء حتى صوته، اللحن في حشرجاته والكلمات على سجادة تتم صلاتها بصمت.

تراجع النص على لسان استنزاف مفرط ، وحل برد العبور الكبير والتأمل المصفر، حتى غطرسة الحواس في نهمها كافأته مفردات في خفوت ، همس ، غض ، صمت وصار من الكتابة أن تهدر ذاتك حبرًا في نص واتجاوز الصفحة.

5 تعليقات

  1. khaled-jobran كتب:

    تغيبين بعيدًا يا لطيفة وتجيئين بفرائد من البدعة التي تشرع نافذات الغرق في فضاءاتك مفتوحة مع كثيييير من الدهشة

    Liked by 1 person

    1. حضور المطر أستاذ خالد، شكرًا لك

      Liked by 1 person

    2. مدينة الرماد قياصرة العرب الأدبية كتب:

      [ أنت منذ فجوة التقلص وأنا أمام قضية للإذابة وكلانا مأهول بالنظر ]

      لطيفة:
      قرأتكِ كما يجب ، الحب العالق في الكتب هنا مثل انسلال الحرير أرآه حين يسقط بأغراء . والتنقل من سطر لآخر مثل طيرٍ حُر لا يعنيه أي شيءٍ ويفعل مايريد .

      الحب العالق في الكتب ، قدمتي صورة جميلة متخمة بالذكريات ،الحياة ،
      حنين الشعور لحبٍ عالق في خاصرة كتاب ، ومن منّا لم يعشه ..

      كيف تقرأ وثمة نافذةً مشرعة على قلبك معاً .
      هنا غناءٌ جميل وموسيقى رائعة .. ..

      Liked by 1 person

  2. مُـدن ! كتب:

    هذه تملأ كفة الكتابة .. كتابة ًً يا لطيفة
    وإنها لحلقة من سلسلة سردياتك المموسقة .. قطعة منها تُشير بشكل أو بآخر أنك استطعتِ أن تشكلين لك لغة تعبيرية خاصة .. وهذا بحد ذاته إبداع
    قِلة من يستطيع عبور الحدود ورسم الصور من الداخل وأنت من أولئك القِلة

    مُـدن !

    Liked by 1 person

  3. نصّ مُترف بـ المطر !
    غطرسة حروف من الجمال .. والعطر .
    لا غطرسة حواس .. ف حسب .
    خِلتُ مِن خلالها أصابعي ..
    تحولت سنابل ..
    تتمايل !
    تُصفق ب دهشة !
    وتتاغم
    نصّ يزدحم ب الأناقة في الحروف !
    ف ازداد حُسنا .
    صوره مبتكرة ، خيال أرحب .
    شكراً لـ كل التفاصيل في النص .
    جمال ، خيال ، صور ، إبداع ، فكر راقٍ .

    Liked by 1 person

اكتب تعليقًا