قال .. 

قال بمنطقيته أمر لا يُحتمل ، في حين كان المنطق بجسارته لا يحتمل هذيانه ، المسألة بكل بساطة لا تأتي بحل ، فلا العابر من حقه أن يخدش قلب الطريق ذكرىً مؤلمة ، و لا حتى تدوين تاريخ يُعلقُ قبلة اليوم على خد شهرٍ له أو حتى سنة ، صاحب القناعة في الغالب أناني ، و الجدران العامة من حق الجميع أن يرونها نظيفة ، و أن يكون للعابر بها ظهرٌ مُغتسلَ،  في ماء كل خطوة يقضيها يرشح غيمةً رائحتها منها مطر ، فعلام تجفف الأرض و تعبُّر ؟ ، علام تكتب و تلوث الطرقات حباً مزيفاً لم تكن له إلا كاتباً ، ( أنا هنا .. و أنتِ هناك فمتى تسقط الكاف ؟ ) ، سأخبرك متى تسقط ، متى يحين خريفها من شجرة العمر الممتد ، متى تعي وزنها على كتف قولك الشغوف بحرب الكلام و مجارة الردود ؟ سأخبرك بأن كافها جهاد و الهزيمة قناعة و السروج و الدروع و الرماة و الساحة و العراك و الراية و السيوف و الأعناق جميعها أدوات حب .

( ذات العين )

..

في غياهب الظل و المناوشات الهادئة مع الضياء ، أرسمُ خطاً باصبع الحذر أن أرى ، اُنبتُ العتم و أتبع في قتامته رائحةَ عطرٍ لا أعلم أني قد اشتممته لأحد ، حقيقةً ، الطريق شائكُ التوضُّح و عيناي فاق التبصّر رؤياها ، و لم أعد أريد ذلك التنوير المتكشّف في سوءه ، المتعثرُ في فقه الإجابات النازفة ، ليلة الأمس تحت فنجانك المشع ، كان وضوء الحديث جَهَرَ صلاة ، كل الدعاء فيه مفاتن كلماتٍ خوفي أن تصل ، أن تُستجاب وعيد جرح ، تُقلّب في خارطته عيني نهاية و لو كانت بصفح ، بها نخر فمك عظم الكلام و كان الطريق أكبر هداياه ، رؤيتي لأقصاه أبكت في الإصغاء يُتم الوصول . رغم ذلك أسمع بكل طلاقة طرْق الغياهب و أضع نقاط التعرج على أحرف لا أودّ فهمها إلا أعجمية تقرُب ، و فصحى نسيان . ‬

‫لن أخبر أمي أن عيني تنافس تبصّر أم بركات ، سأحتفظ بالأنجم في سمائك وحدك و أسكب الضوء توقعاً مطبقَ العين ، يرى حدودك خلفها في الكون المتيبس ، في نفث الخريف لورّده أدخنة فصل بارد ، رغم إشارات خطوط القهوة في جدار مشربك التي تنبئ بأثر قبلة ، و دفئ شمس .‬

‫( ذات العين ) اطلقتَها اسماً في رشاقة ما تراه ، عندما لمحتَ عيني الوحيدة تثقبك ، تنير خباياك ، تُجوّف عتمك بطريق السؤال الجاثي على ركبتيه ، ليدير تأملها أغنيةً أحبها ، كانت تقال لأفول الأنصاف إغماضاً ، توجعاً ، و لما بين التنهيدتين و القُبلة الدامعة على جبين ذلك الرجاء .‬

‫ ثوب الرؤية لا يستر أعضاءها و عيني لم يعد يسعها إلا موت النور بأصبعين و حجةِ إثارة الغبار ، تكفيني في تعريتك عيناً واحدة و نهاية مرتجفة و سؤالاً مخيف .‬

..