سلام لقلبك ..

في قعر ذلك السؤال الذي ملأت الحيرة كأسه ، لا شيء يحرض على الكتابة مثل تلك الاشياء التي لم يَعُد في أيدينا إلا اشتمام مآثرها ، اشياءٌ ضائعة لازالت عالقةٌ بها أرواحنا ، مثل ذلك الطريق الذي تعجز إلا أن تكون على رصيفه ، أو ذلك الحب الذي تكون على وفائه ورغم ذلك أنت خارجٌ عن مدراته ، أو ذلك الوقت الذي افلتك في حضن انتظاره الـمُخز .

ستكون وديعاً جداً هذه المرة !  

ستتحدث للفراغ استعداداً للقائي !

ستكوي ياقتك بعناية الرجل المثقف !

و تتغنى ب القصيدة و أنت تنظر لعيني !

كن ، كن فلا زلتُ أنوي أن أرسمك في لوحة لا تخرج منها إلا لي ، تعود بك خطوطها في غيابي إلى طبيعة صامتة ، فِقهٌ ، ظلهُ هو نور ما بيننا ، بصفة لا يشعر بجهته إلا ما قد أخبرتك به وشوشة ً ، هل تذكر كم كان عمر الضحك وقتها ، عندما قلت لي : ( أحبك أكثر من عينيّ ) و كانت حجتي في العتب أن لك أن تعيش بلا نور ، لم تكن اختياراتك موفقة حينها ، لم تكن قد أغلقت إطار الصورة التي تجمعنا و لا الورقة التي تحمل اسمينا ، كنصفين لشيء واحد ،لازال الخط الفاصل الذي إمتد به حبره غير قاصد في بصق ما قد يرسم الطريق اثنان ، يملي رسالة لا تعنيني في ذيل ما قد وقِّعت به رجلٌ خائف و حزين .

كنت اطمح أن تحبّني أكثر من الوفاء و أقل من الوصل بجرح ، و ملل ، خسائر الأمور في جدواها داخلنا كبيرة ذات هيبة ، و فيما تستطيعه سبراً و صمّتَاً .

إننا نرمم سواقيها يا عزيزي بغَرفةِ ما يروي ، كي تكون الخطوة القادمة أجدى في حساب ما قد يُكتب ، و يُحقق إشارة صائبة ، خفقة في وجه النور ، و سلام في ما ستعرضه المنضدة . 

قصة : “وثب على فوهة ” 

‏ترمقني أمي من بعيد ، ثم تومئ كمسترضية ترى مدى استجابتي ، ورضاي عما تقول  بعد حديث طويل صبت أطرافه في أُذنيّ قاطعةً به طريقي الذي اترنح فيه قاصدة جهة الحمّام ، توقفتُ للإنصات وأطالتْ ، تراجعتُ  حينها راميةً بثقلي في اتكائةٍ خفيفة كانت على الحائط الناتئ الذي  يفصل الصالة عن جهة بها حوض لغسل الأيادي وُضعت خارجاً ، ثانيةً ساعديّ كعلامة انتظار ، ثم تسألتُ و أنا أغسل وجهي بعد ذلك  مالذي حصل وما بالها ؟ أ تحبّني كما تدعي وترغب في تزويجي بهذا الطريقة الساخرة ! ، يبدو أنها واثقة من قرارها هذه المرة .

‏- “فكري بروية ، قد لا تتكرر هذه الفرصة ” تستطرد قائلة ما تود فرضه برجاء على نبرة عالية ، رفعت من حدتها فجئة .

‏- ” قد تكون العجلة هي وحدها ما يعزز انتهاز الفرص ، فلا توصيني بالروية ، لكن هل حقاً اِعتبرته عريساً مناسباً ؟ ” ( كان ردي بصوت جاف خفيض تمنيت لو أن لم يسمعه أحد .

‏- ” الكمال لله ”

‏- ” و لستُ المخولة بالرضى عن الناقصين من أجل أن لا تفوت الفرصة ” قلتها متثاقلة في خُطى تقطع الصالة و أصبعي تشير لعينيها بحركة ثقيلة تخبرها أن الأمر لا يهم .

‏ها أنا أعود لمسودتي هنا بعد أن قررت الابتعاد عنها و حفظ لسان البوح عن مكاشفات الليل و الوحدة الموحشة ، أنظر من نافذة زرقاء لعالم أحببته زماناً طويلاً – بين الحنايا شيء يتحرك ، أظنه الحنين للصراخ ، لصوت القلم الصداح في ملكوت ما يصغى له ، أنها الكلمات عندما تمطر على بعد عزلة و هدوئين – يلف لي فيها متكأ الزاوية الذي أحتضن دوماً لوح الحروف فيه و أكتب بلا حيثيات و لا إعداد ، أكتب بعفوية ما تمليه عليّ غربة روحي و رغبة الخلاص مني أحياناً والتي وقتها يكون العالم أغلق أبوابه عني و تُركتُ حرة هدوء بين مجرات و جرائر لا يرى خدوشها إلا خدي و من ثمت قلم يهبني استشفاف على رف من السطر ، ترتطم في أخر الأمر ناصيته بحافة الندم الذي أشتم في كل مرة منظر المهرج الذي يظهر لي بألوان قزحية ماتت في بلادة ابتسامته رائحةُ عطري .

‏الحديقة بكلها فاحت من نافذة الورق ، و كل إلتفاتاته أودت بوسع الجهات و برد الاتجاهات ، ها أنا أنظر إلى عالم مختلف ، لم تكن أمي التي لا تقرأ و لا تكتب أن أخبرتني عنه ، أو شمله تحذيرها الذي طوى الكون في جريدة تحت ذراع خوفها علي و إبقائي في الثنايا ، درتها المكنونة في مكان لا يكشفه أحد غير حبها الذي لا تدرك منه إلا بقائي أمام عينيها .

‏لا تعلم أني مثلاً الآن أمارس كتابةً عنها أمام العالم ، أخرج فيه عن حدود وصاياها في أن أكتم سري ، ها أنا أتمرد كما لو علمت عن ذلك لحدث أمراً جلل ، ربما أمتن لزمن كان فيه تعليم الإناث فكرةً تجلب العار و لا فائدة تذكر خلفه غير اِهدار وقت مهم تقضية الفتاة عادة في مساعدة عائلتها في أعمال هي تقوّتٌ أساسي يدعم عيش الأسرة على خط حياة لا ترجو الرفاهية ، فكم كانت توسوس لي فكرة العصيان تزامناً مع خوف أمي من تمردي والذي تضرب به على أطراف حياتي يوم أن ارسلتني للجامعة و رفع الصوت مهزوم داخلي ، لا يساعدني حتى على اِسماع استاذي همس الإجابة النموذجية التي تتزاحم في خلدي بعد طرح أسئلته  التافهة التي يمهد بها لدرس جديد و الذي قرأت عنه مسبقاً ، هل حقاً ينمو عِداءٌ بيننا و بين ما حُرمنا منه يوماً ، أم أن المسألة إرث وصاياً فقط ، لم تشأ أمي أن أعوضها عن حرمانها و لم تبحث لي عن نقطة ضوء باب النفق بل كللت الظلمة برجفة وهبتها لي من قبضة يديها على يدي التي إلتصقت بصدر نبضها إثر فاجئني باحتضانه و أفزع فيّ ترقب النور .

‏بصيص ما قد تفرزه حاسة سادسة في حسابات أمي هو صبح زوجٍ تَعقِدُ يدي على ذراعه و تزفني خلاصاً من الهمّ ، لا تأمن أمي بـ همّ البنات الذي للممات ، لإعدادها بناتًا تثق بعدم قدرتهن على السير في الظلمة لوحدهن ، إعتدنّ مدّ أيديهن برقة الخضوع لدفء الأذرع و إن كانت كفوفها جلاميد ، أنوثة السير الطويل تحتم ظلًا و إن كان بائس الحمية ، يا لي الموروث الذي أرفض الانصياع له ، ها أنا أُنهي عامي الأربعين بلا أحلام مرسومة على لوح حياتي غير محاربة الأيدي و توجس الطريق بكل أناملي و أنفي و الجثو المتفرس في فضاءات لا تنبئ بنهار متصالح مع بحثي .

‏صوت القهقهة العالية الذي اسمع يزيد إصراري على الدوران للبحث بعد كل خطوة و بحاسة مفزوعة ، يعزز في الفراغ نقاطاً سرعان ما تتلاشى ، تفقد قيمة ومضها بمجرد تحديقي المتفحص لجهتها المتهمة و لذبنها الذي لم يقترف بعد .

‏آخر معقل لقطار ربما يمر بي بعد هذه العمر هو خليل بائع الكلام كما يسميه أهل الحي ، شاعر يبيع أبياته لمن يدفع أكثر ، يالي النور الذي بصق في وجه الحظ هذه المرة ، سيكون ظلاً شفافاً أضحك فيه على طول المسافة التي قطعت و أنا في تروي ، كان لقائه بأمي الليلة الماضية على ناصية شارعنا حكاية تخبرني بِمنّهِ يوم أن عرض على أمي عرضه المغري و طلب يد ابنتها العانس .

‏يداي قُطعتْ منذ زمن مات فيه صوتي و لا زالوا لا يرونها ، ينكرون تعثرهم بذراعيّ الملقاة أمامهم كل مرة و يمضون يهللون ، قررتُ و بجدية رفع الجدران بأن أبني لي علىأرض المحطة صرح يكتب ما لا يرونه و لن أغادر لضوء لا يستحق تتبعي .

قصة : “نبرة حب غائم “

” على سبيل أني نسيتك و أن خطة الزمن نجحتْ معي وأن ما خلف الموت قد يأتي بحياة أُخرى ذات تطلع، ها أنا أتجنب الحديث عنك على مناضدهم، بين شكاياتهم وتذمرهم، أحقق كذبةً كبرى تُرجئك في فراغ النظرة الشاخصة التي في بهوها ذاكرةً أقوى، ومن سوء حظ دعمهم أنهم في كل مرة يتفقون فيها على نزهةٍ تواري معالمك يقعون في مصيدة لازال لرائحة كفك بها عطر (التو) النافذ صريره عبر هدوء تمنحه لي الأمكنة “.

كانت تلك الكلمات مدونة في أخر ورقة من دفترها الملقى على أريكة في أقصى زاويةٍ من حجرتها والمقابلة بذلك لفرجة الباب، سريرها الموحش، خزائنها الخالية، فراغ الحجرة منذ أيام يدعو لنشر أمنية عودتها سريعاً بين جنبات صمت يوخز ويبتسم لذكراها المخطوفة ما بين أُنسِ تخرّجها وحزن كل ما تركته خلفها.

لم أنم بما يشبع رجل عاشق منذ رحيلها، فكل مسافة ما استغرقنيه على الوسادة كان غفوات حمقاء، دوران رحى القلق تحت عينين مغمضتين يضج مضجعي. حاربتُ السهر من خلال ذلك المشهد البارد الذي استسلمتُ له بعد أن طوفتُ مُشتماً أشياء ورود والتي تركتْها متعمدةً كنقمة لذكريات تتخلص منها فتكتمني وكأنها بذلك تَعِدُّ مؤامرةً عليّ، تخلع من خلالها معطفٌ كثّ في صيف رهيب، حمّلها إياه الآخرون وكان جدير بها أن تورثه لشقي مثلي بعدها، اشتقتُ لها بما لم يكن في حسبان قلبي، نوبة الصرع التي كانت تنتابها أمام عيني أيضاً اشتقتها، اشتقت لرجفة كنت اخشى حفيفها بل أرتعبه وأقسم بصمتي أن أتجاهل ندائها في المرة القادمة، عندما تشعر بدوار يصعق عالمها بما يشبه السواد والأخذة الرابية ، ( كان الأولى بكِ أن تطببي نفسكِ من ذلك الداء اللعين و تدعي عنك دراسة الفلسفة و علاقتها بقوانين النفس الانسانية ، إن ذلك أشرف ) كانت تخالجني رغبة ساحقة في لفظها لها كي تكف عن مناداتي في ذلك الظرف القاسي الذي تُحكم فيه أصابع صوتها على خاصرة قلبي وقت صرعة عصرها، تصحو بعدها ، لتنكفى على حسرتها و أنا أخرج بصمت كمن أُعِدتْ له كامل كفه بعد رضة كادت تفقده طرفها ، ثم سحقاً لامرأة تكتب لرجل أمام رجل أحبها ، تمرض أمامه، تسقط مغشياً عليها ، ليرتجف عالمه الجميل بين يديه، برد مسألة . هذا بحد ذاته تزمت إنساني بالخطيئة في حق مشاعر أخرى مصابة ، تنفُسها المتسارع وعضّها المتشنج أيضاً يُرغي من فم القلب ما يُخجّله بعد انفعال النجدة نبضاً مجنوناً.

سماعاتها التي كنت استعيرها كي احتفل مع أنس بعيد ميلاده طوال الثلاثة أعوام كانت تلفّها لي في ورق جريدة عانقها شريطُ ساتان أحمر أعرف أنه رباط بجامتها، نداؤها لاسمي بالشكل الذي يضيع منه راءهُ ليكون ما بين لثغة مهضومة ونبرة مغناة كان أيضًا جنون ارتباط، تُجمّل ما يحدث بيننا بأبسط الأمور المثيرة ، تعد قهوتها في ساعةٍ مبكرةٍ تثير حافظة أنفي التي ماتزال بين الوسائد و الحلم، تقنع النهار أنه بلقائها أجمل فتنهض حواسي و خطواتي الثقيلة بدفع مشتهى، أخرج من أجله للممر كي أصادف خروجها الباكر فبعدها لن أراها إلا متشنجة أو إلى صدفة صباح آخر ألتزم فيها بتباعد المباغتة في ذلك الممر و صناعة روتين يتعلق بجدولٍ اسبوعي أصنعه حسب حاجتي للقاءها وخروجي للجامعة بما يناسبني خاصة أن دراستي في مجال تبعد هي عن معرفة تفاصيله مما يخص الدراسات العليا التي تتيح بعض الحرية في أن أكذب كما يحلو لي. ويحلو للصدف أن تُخلْق، وللكلام أن يُنشأ، والعين أن تُبصر والقلب أن يشرب، تركُها للسكن الليلة قبل الماضية وعودتها لقريتها بين جبال أوكايمدن من غير وداع يُخبر المفاصل أن برد الأيام القادمة شديد وأن العمر الذي أخذته بشبابه واهنٌ ما بعده من أيام، أخذتُ دفترها الذي اعتقد أنها لم تنساه وكوب القهوة الأبيض وشمعة لها كانت تضعها على الأرض لضخامتها، والتي كانت تشعلها في المناسبات فقط، ابتاعتها في ذلك الصيف الذي لم تعد فيه لبلدها .

أذكر أني عدت بعد تلك الإجازة الطويلة في ليلة خريفية باردة كانت فيها تحتفل مع زميلات لها في باحة حجرتها الصغيرة والتي كانت تدمدم من صخب ما تفجره سماعتها التي في حجم القبضة من صوت ، مما أثار السيدة زينب وعائلتها التي كانت تفضل الطلبة المتفوقين في دراستهم ، فتُأجر بناءً على المعدل الأخير وشهادة السلوك الموقعة من قبل مسؤول تثق برأيه في الجامعة، بل وتقدم لهم إزاء ذلك بعض الخدمات الأخرى البسيطة مجاناً ، تقول المجتهد الذي جاء ليتفوق هو بالأحرى نظيف ومتعاون ولن يُثقل كاهلها برائحة عفنة تنبعث في البيت.

وقتها وأثناء صعودي صادفت السيدة وهي تصعد الدرج على مهل وتغمغم ( ورود جُنت ) ، حييتها بإبتسامة المشتاق متجاوزاً إياها و دندنة مفاتيحي أكاد لا أسمعها وهي في يدي من علو صوت الأغاني الراقصة في حجرة ورود، كنتُ في عجلة من أمري كي ألتقط ما بحوزة درج لي كنت أضع به بعض الأوراق النقدية من العملة الاسبانية حيث لم أتمكن من صِرافة شيء منها كأوراق تسد حاجة وصولي المتأخر حينها، هبطتُ مسرعاً والسيدة زينب في وقفتها أمام غرفة ورود تطرق الباب بأدب الـمتأذي الصابر ، كان السائق قد وضع حقيبتي الأخرى عند باب البيت ومضى يشكر زوج السيدة زينب ، امتنيت لذلك و دفعة الأجرة له .

هممت بكلتا يدي على أطراف الحقيبة و رفعتها إلى أن استقرت على راسي بشكل مستوي و اعتليت السلم صعوداً، وقتها انقطع الصوت، استقرت عيناي على ورود كانت في الممر الذي ينصفه انزلاق الدرجات للأسفل، والذي كانت حجرتينا بمثابة جناحين له يجمعها ممر فتحاته تتمثل في بابي الحجرتين و نزلةُ الدرجات ،لمحتني، ابتسمتْ و قطعتْ الممر إليّ حيتني سارقةً بذلك كل شيء، ( انزل الحقيبة ) قالتها و ثغرها يختصر ابتسامة العالم بين كلمتين، تراجعت لنفسي والتصقتْ هي في ذهني وكل خيالاتي.

كانت وقتها حجرتي تعرفني منذ السنتين و هي منذ السنة تقريباً، كانت قد طرقت عليّ خلالها الباب مرة واحدة وطلبت مني أن أساعدها في تغيير مصباح السقف الذي يعلو كثيراً، وأثناء ذلك حدث ارتطام قوي بعد صرخات متقطعة كانت استنجاداتٌ فسرتُها لاحقًا، لتظهر مغشياً عليها تعاني الرجفة والصمت القاتل، ومنذ ذلك الوقت رأفة قلبي بها تستجيب لتلك الصرخات واعتادتْ هي ترك باب حجرتها بلا قفل ، في كل مرة أراها يتكرر شيء لم أفسر كنهه ، قبضَ على إحساسي بها بكل عواطفه ، و هاهي رحلتْ ، رحلت كي تلقن الحب درساً آخراً في الوفاء .

ورود عندما توحدت في هذه الحجرة كانت من أجل أن تحافظ على ذاكرة رجل في حياتها، كانت تحب أحمقاً تركها في درب شائك كل التخلي كان متاهته. تسللت من بين طالبات السكن الجماعي كي تبر الحب بشكل يناسبها و يحرر الألم رجفات تأكل منها بهدوء .

( لم تشأ أن تودعك ، فقط أوصتْ أن لك ما تشأ من حاجيات حجرتها، وذهبتْ ،لقد أنهتْ دراستها ) قالتها السيدة زينب بعد عودتي مساءً، دخلت الحجرة بعد أن تركت لنفسي فرصة التصديق أنها رحلتْ ، و ها أنا أجرح ذاكرتي بتقليب ألمي بها غيبياً ،وأثبت فكرة غيابها وما قد إلتصق بي.

( عذوبة مترعة بالكذب )

بحق ما انْبَنى بيننا من حب كانت يقظته يوماً ما هو كونك أنت الذي تشكّل كي أُحبّه ، أين من أعرفه منك و الذي ذهب و أبقى غيرك بك ، من أنت الآن ؟ 

كيف تمضي بين الناس ، هل حقاً كما قلت ( أنا أنا لم أتغير ؟)

من تغير إذن ، هل الحب يعرف التَّشكُّل حسب المواسم و تقلب الفصول ؟

هل حقاً أحاطتني الأوهام كما تدعي و اصبح من الواجب استخدام ( السبرالكس) .

هل حقاً كما وعدتني مع كل قرص ستعود هالة الكون تبتسم في ملامحك و نعود كما كنا ، لكن اخبرني كم سيستمر ذلك اصطناعياً، دوائياً ، قصة مخاتلة دمغة ، هل ( السبرالكس ) يعرفك أكثر مني ؟ 

لم أعد في حاجة وعدك المرتبط بأقراصٍ يقذفها نرد الأيام على طاولة نزقة ، عدد الحظ بها مغادرةً كاملة ، شبح الغيمة بعد تناولها يخفيّك و يشد وثاقي خلف ظهر من الانتظار ، في ركن المقهى العمري للغياب . متى تأتي ؟

كف ، فحقاً مللت لعبتك تلك ، و لم أعد في حاجة ملامحٍ لا أعرف منها ، إلا ما اعتادت السنين أن تزيفه على كتف عشرها الماضية من الاختباء و التلفيق و عمر من حديثك الفضفاض على أذنينٍ طالت على مسامعهما هدير الأغنية .

أخبرتني يوم الخسارة العظمى أنك ( لست بخائن ) و أن الرائحة النسائية العالقة في كم المعطف ما هي إلا إلتصاق غير مقصود بـ باقة زنابق تأتي لموظف معتوه ، و تظنه ( معشوق ) قلتها فاركاً ذقنك ، مقرراً متابعة الموضوع .

أنت لست أنت حتى ببطاقة الزنابق الموقعة باسم المعتوه ، أنت النسخة الأبعد عنك يوم كان المعتوه محتاطاً باسمٍ مستعار . 
بقلم / لطيفة القحطاني