لم أتعرف عليك كما يجب ..تركتُ لعنفوان العمر ملامح الرف الذي خُصِّص لسنين تَقْـرَبُـك ، تركتُ الحيازة بكاملها و التي لا تأتي إلا بفراغ ما يُشغل ، و تعاملتُ مع الأمر على أنه فترةً وجيزة ، كأس و سينكسر ، لذلك كان ما اعتقدته هو فعلاً ما احتاجهُ المنظر وجهٌ خال تمامًا إلا من تقطيب كُتبك و شحوب قِراءتك كما تحب أنتَ ، في فرجةٍ ، اسايرها الليل و توردها العتم ، تركتُ لها أيضاً في أخر الممر فسّح ما تتلمسه إغماضة العين في اتباعك مغنىً و بحراً و غرقاً بغية تعرّفٍ أنا الـمُتريثةُ به و التي تبتسمُ و خلف فمها ألف شتيمة للطريق .
صوتك كان يعني الزورق آن ذاك ، كان يشق في الاستماع طفولة الاستجابة ، غير أنه ما بين الحكاية و النهاية كان التوضُّح بكل أسف ، هو الاسم الوحيد في عالم الإنصات الذي وحّد النداء صلاةَ صوتٍ يدعو ، يتبتل ، في تفكيكك كما يجب ..
إلتماحُك في زاوية الحديث مُتمثلاً ، لم يكن مجيئاً عفوياً كما تظن الطبيعة إلا على هيئةِ قصةٍ تنظرُ لأخر فستانها بعد ليلة حافلة ، وقّع سردها مُعاداً مُملاً ، كل وعظِها قد مرَّ عليَّ من باب تشييع ، تنديدُ أصابع جدتي ، في تعزيته حذرها ، تثني النصيحة خلف النصيحة و تكمل عشرها قبضتيّ وصايا و نُذر ، تقول في إحداها و هو ما علق في وعيّ رغم تجاهل خطواتي المندفعة و ما يفسره قلبي و أعذاره ، و ما يَسيرُ به غوايةً و طواعيةً و غرق ، (الرجل كحلقة الخاتم متى ما امتلأ الإصبع به ثبت و متى ما هزُل سيسقط ، كوني زحمة فراغه ). و يح إحاطتك كم لدلال تثبيتها من جهدٍ … يُفرغني رغم الامتلاء .
لطيفة القحطاني