“عبء نسيان”

و تَبْلُغ المنتهى ..

تُحكِّم ما بين عينيّ الغيمة و نبضها،  ما اثقله من الحب تحرقًا في ثمله بَلْغُ شتاء،  يهزُّ بجذعه ثمر المطر ، و البرد ، و الغياب و الفقد و التخلي ، و انهزام الفصول ، ورحيلك المشتوم ، تُناهز ما اشتد في كونه خفقاً عالقاً و لفظةُ شمسٍ تحيد .

مُبالغٌ بك !

تَنفذُ مهامكَ كاملةً ، و بشكل متسارعٍ ، كثرثرةِ القطرات المنهمرةِ على وجه الطفلة التي لا تكبر، تحتضن وعود أيامها و ترقص عارية آمال ، ملطخةُ أجنحة ، ساحات قلبك اللزجة تُسقط عفوية الفرح بها إثر عبء النسيان و إطفال الذاكرة ، مبالغٌ فيك حد التمدن الذي شنق في الريفية خصب ما تظن ، ما انمى شجراً و زهراً و عفواً و سلماً و تنزُّه لهفةٍ في حقول عشق الياسمين .

السور تحتفظ بك ، فضائل الأحلام و شواهق ما انبرى في خلدي وما ترتب لك على وسائد يدي التي تكتب ، تربت على ما انتشلته الذكرى بأصابع الكتابة و أدلت به للمقعديّن و النافذة ،

تخامرني أرائك الورق و مناضد البنّ في مِزاج القهوة التي تشبهك ، تُكثرك كرغوة ما يجب أن يكون سُكراً ويذوب ، أتعلم ؟

أنك تبلغ من أواصر الوفاء ما يجعلك شيئاً مبالغٌ فيه بشكل لا تبرأ  قرابته رغم ما يُخلِص له الدم ، أنك تتكون و يُنفخ في مُضغكَ أرواحٌ و أرواح هي بنوّةِ قلبين زفهما البرد ساعة ذكرىً لـمّا يُكتب ولن يتكرر و يعود !

سراب ما قد نحتفي به أحياناً يكفينا ، و أنت من أكثر ما انكسر به الضوء عذوبة منظر، تشكل بصورة ذاهبة ، فنائها أن اقترب !

أي قامة مهددة في هذا الاستناد ! قلت لك إنك شيء مبالغ فيه ، غير أن جنون الكتابة يسد لي جوع وعيي و عطشه ، و هناك في غرابة ما يحدث على أرضك أنه لسان طفلة تصرخ بعابري ارجوحتها : هيا ادفعوني ، أريد مسك السُحب ، إني بأقل الاشياء أُكملك ، أُجالسك ، ألهو بصحبتك ، نصنع طوَّق الورد و نضحك لتعثر الطير الذي كان ينظر إلينا ، ما يسلب لُب النظر و قلبه هو أننا معاً و لسناه .

لأنك مبالغٌ به و فيه .

“حنق مسافات”

كي لا أخون ملح حبك واشتياقك و رذاذ كلماتك التي كان فم القراءة يثمل بها مسامرة ، قل لي بالله عليك هل ما زلت تحب الكتابة لي من حين لآخر، من جرح لآخر ، من كذب لآخر ، هل بقي خلف تلك الشفتان الداكنتان كلامًا ينطلي على قلبي لم تقله ؟ اطلق لخيانة الإنصات حرية التقيؤ ، و اترك باطن قلبي فارغ النبضات عله من اعذار التلمس يحتضن الأرض ، يتشبث مكانها في عبث ذلك الدوران الذي تحملهُ ركلةُ إصبعك ، حيلةُ قوامتك التي تأخذها عنوة من لين جانبي ، والذي ذاب شمع اعوجاجه و لم يعد ضلعًا بقدر ما اصبح استواء مجحف لن تسدي نصائحك له استقامة !

تؤذيني عندما أكون الممتلئة بك جدًا، و أنت المتفرغ تماماً على رأس حدثٍ نصبتهُ لك امرأةً أخرى مرت بك مرور اللئام ، ثم تركتْ فيك مزاولة ذكرى لا تُغتفر ، اصبحت أشعث المشاعر لا يتكأ على صدرك حب صادق ،عدا ما كان و الذي ليس باستطاعته أن يعيدك شذب احتمال حتى ، في أن تكون إطارًا يحاصر الصورة من جديد .

 كنت تقول للشِّعر عني هي أنتَ عندما لا يكون المطر إلا ماءً برائحة ما ينتحر لحياة أخرى ، و كانت موتةً تقضي بسماء تذوب ، بغية غيم يتفلت كي يحيا جذراً تعلق و نما .

صلاة و نجوم و فوضى حواس هي ما بقى على متنها تلك الباخرة و التي جر الموج خلفها غضب البحار و زبده ، احتجاجاً على معنى الغياب في ابتلاعه عابراً لا يعود .

أو كُنتَ تفضل الباقة بازهارها الذابلة في لون ، رائحة ؟

عدل البقاء كان منصفاً هنا ، عندما سرق الجوف و أبقى الجثة حيزًا من فراغ ، مقاديرٌ من شعور ، مشاعرٌ حطت بأوزانها و كل الأرض هي في يباس ، ماء الشعر إن تذكُّر بخرّه قيظ الرحيل !

لطيفة القحطاني

“قد سبق الصمت الفقد”

لا تقل شيئاً ..

لا تكثر على تفرعك بورقٍ قد يمتص من جذور الأعذار كل مائها ، و لا تهدهد سكون خذلانك بقلق أكثر ، قد يكبر و يكبر ، و يؤمن لقلبي ضياعًا أوسع و لعينيك ترقبًا أجف ، صافح في العبور صمتًا من النوع المصغي ، الهامس بوخز الاستحالة لينًا ، المترف بوسائل غواية تعرف عيوبك و دسائسها ، و بشؤم ما يتضح و يُصعّب !

توجس أبواب الأيام و مقابضها ، فإنها حجر حظٍ تُفتح حيناً و حينًا آخر تتكاثر على رسم ما اعترضته و اعترضك ، كما أنا يا ضائعي ؛ أمثل فيما قد تجاوزته ذهول ، أنبري ملثمة وقار مُبددة ، ثم اذ بي ألبسه اطمئناناً ، أُعلِّق بأصابع السهر في نجواه نجومًا كُتب على باطن كفها ، لا نصيب لكِ ! كما أنه القدر هو أرحم بكِ منكِ ! عبارة عزا فيها كثير من العجز الناس ، و هاهي تخدش جبين ما أقع أمامه ، اُكمل في ترقبها تلحين أُغنية و رتق أُمنية .

ما زلتَ ربعه الأول ذلك الليل من العمر الذي تشقق صوته في اسمك عابراً ، ساعاته الطويلة في محرابها تذكرك ، ابتهلاته في أوجها وترًا يختلس لك دعوة و دعوة ، فعلى طقوس الذكريات هنالك تهجدٌ كالمسافات لا تعبره إلا بعتم عزلتك و خالصه ، ينجب من وسائد الأحلام صباحاً بطعم الحياة الجديدة ، تآلفهُ روحي غيمًا مثقلاً يناجي ، مولوده له منك الكثير في استجابة !

أنك تثيرني ، تغضبني ، ثم تتفجّر أمامي بما أنت فوضى به ، تتعرف عليك أصابع الألغام رغم ما تشيح به أوجه اليقين في هدوءك غياب ، لاتأتي من بينه إلا بكونك حاضراً يبث في أوصاله الـمُثول !

لاشيء أوسع من غيابك في ضيق الحضور إلا بلدان حاجتي و محيطات أسئلتي التي تبحث عن يوم إجابتها المرهون ، عن توقيت التورد في وجنتي سهامها و الكلام !

و ماذا عن الحوائط ؟

ماذا عن فعلها السادي فيما يتعلق بصورك ، و فصلها الحادي عشر على رسمك ، هل تؤمن بها الانتظارات رغم حلول اسودها و ابيضها على الزمن الحديث ، على برأ جرح ينكأ و يكتب ! .

تركت دفتي الباب في تشريعهما ، عقب اندفاع الكلام خارجاً ، حبست انفاس الماء و لم اُنادي ، كل ما استطعت فعله آن ذاك هو البحث عن هدوء ذلك الذهول في قصتك ، و عبوري !

ثم تغيب لتتعالى رقاب الشجب في البحث عنك ، في دحضك لقاءات تُفترى ، فلا شيء يُحضرك مثل افتقاد يعرف ضياع أصابعه ، تأخر صبحه ، و بكاء شمسه المحمرة التي تودع الأيام !

لا تقل شيئاً ..

لا تحرك سكونك عبث خريف بأرض شجري ، دع عطش الفصول لغيم وعي في كلام ، و التزم مسار تساقطك نسيانًا ، فقد سبق الصمت الفقد !

“و فيك أتحرى قُبلتي”

،،
لا التفت ..
ربما لا أُعير السكاكين حذري لكن هي تؤلم عندما نرى وجهتها المقصودة ناحيتنا ، عندما يكون لغمها الطاعن متجه إلى سكونِ حياةِ ملئنا ، أبادر بأخذ ماتساقط من اشلاء الامر ، أداوي ركبتي ، و أغيب بهدوء التلاشي في هيئة لا تلتفت …
ضجيجك في الاشتياق غالب مني أذن شاح اصغائهُ ، انفرط قُرطه في حجة البحث الطويل ، في مدى النظرة المسافرة !
إنك تُقبل لتهرب في وجعها الاشياء ، لتتمادى المسافة فيها رقص غياب ثم اذ بك تقترب كي تبتعد عني في حديثها في حدثها حكايات اللقاء ، في ما تكون و كانت و ذاب الشعور في تمنيها !
‏ويحك كم هي تستهين بك مشاعري حد البكاء الذي لا يعلم ماذا يريد ، و ما شأنه بتلك الملوحة في صنعك طَعماً لا تُفسّر له الاشياء بقدر اغتذاء ما كبر في مرارته تجربة .
‏دعني أحبك كما يحلو لغبن الأيام في تشريدها تسول ، في بحثها المستمر في دوائرٍ تتسع ، عن وثبٍ يلتقم الأحداث و لا يقف ، عن بؤس مسيرها المكرر و طاقتها التي باتت بلا أصابع تتحسس ، و بين ما يُسمع و ما يأتي حديثُ نفسٍ حار ، النهار هناك ، على خياشيمه يتنفس الليل هيبة إقبال ، و يهبه الرشفة المحسنة و اليد الحنون ، رغم ما يسرق !
ما تهوّل به المسافات قضاؤها ، قطعها في عد حسرات ، أنت شامخٌ فلا تنحني رغم استنجاد ما يقع ، رغم ما يذوب في كونك تكبر ، تتعالى بالون هيليوم ، قد لا تدرك الأعين أن ضياعًا خلفه اهتداء نور ، تصالح مع عتمة تُخبر عن فتحة النفق ، عن دائرة البدر المُضاءه ، ايها المتواري خلف ذكراه ، خلف حفنة الماء التي تسدي لعطش عيني منظر الدرب السابر في أغوار كونك و ال لا كونك فلم يكن غيابك إلا صناعة حضور ، فها أنا أكونك ، أغلق جنبات روحي في كونك الروح و القلب و شرايين تتوزع ، حياة تريدك .
أعشيك رغم اتساعك ، فلا اصطاد منك كل ما يتفحص فقدي ، يباغت نسياني الذي لا يكتمل .
المهيبُ في تفلت الأصابع أنها تحرقت في ذلك البتر بأن كتبت و كتبت ، باغتت الحب بأن ترتبه بدل أن يرتبها خسارة و يعد منها كذبة إختيار ، فما اعرفه عن القلوب أنها لا تفعل غير أن كل شيء أمامك اختلفت قوانينه ، اصاب إبرة الاتجاه فيه جنون جاذبية و اختلال فطرة .