نفث !

ناولته صمتها و قالت : أتعلم أني أخشى عليك من هذيان الليالي و جنون المشاعر و انسكاب الفاقة على صدر تعابير مُظلمة ، أخشى عليك حتى من كلامها الخالي من الصوت ، المقفرة فيه الطرقات ، المفقودة فيه حلقة الضمائر الصريحة و المليء بالنيات السيئة في البوح .
و لا يناوشني اطمئنان إلا في أن الوادي لي غير أن ماءهُ يبقى الحر ، و أني المحتضنة بشدة لقلب لا زال لبقيةٍ جُلَ نبضه ، أني في سكن ما غلفه سرك حجرةً معتمةً ، لم يكن لأزرار النهار بها ياقة شمسية ، نمنماتٌ أصابعها الملونة على عنق تعددك في قبلة .
قلت لي يوماً : الحياة ألوان و طويت عطرك لي في سطرٍ فصيح ، كل حرفه في مساحة تسليم كان هو القلب ذاته الذي ابيضّ و من ثمة اسودّ كحل اعين تنتظر .
ذابت مكعبات الألوان في كأس نخب الرسائل التي كُتبت بحبر خفي ، يتلمس له الظهور أعذاره .
همست لي غفراناً : القادم أجمل .

نواياك التي تمطر على حقولي بمواسمها الممتدة هي ذنب اللامحدود على سنابلٍ مثقلة ، مشاعرٌ كل نضوجها كانت بين صوتك و الماء دوحةً عذراء .
هل تدّكرُ حصون الكلام عندما كان أركان صريحها ظل دواخلك ، و كنت حماية الحياة للحياة ، كنت حنو المطر ببذرة الحقل و ثمارها .
ويح البدايات التي لا تدك في قولها عثر الامتداد منذ نظرة تخلد ضمّ الإطار و أسرة اللوحة و نسب الحب ، و يحها يوم كان التاريخ صديقها المغادر .
الدماء تختلط و القلوب في تبادل أدوار ، و رائحة ليلك لا ينجبها غير شِّعرُ ما تنصت له الأوردة .
لن استمر في تخليدك أكثر مما خلد الجدار على صدره قرطًا لصورة وحيدة ، سأهرب إليك هروب الكلام لناحية تغليفه .
تركك إياي على رصيف لونٍ تنتشيه الخطوات ، ترمقه حكايات الأعين العابرة ، و تثنيه عن الانعطاف كأول أمل و أخر خيبة تشكيك لقضاء الطريق و محكمة الذاكرة .

بقلم / لطيفة القحطاني

اكتب تعليقًا